استبصار السلطان محمّد خدابنده علی ید العلّامة الحلّي
بطلان طلقات الثلاث في مجلس واحد، كان سبب إيمان «سلطان محمّد جايلتو» لأنـّه غضب علي امرأته، و قال لها: أنتِ طالق ثلاثاً.
ثمّ ندم و جمع العلماء. فقالوا: لابدّ من المحلّل!
فقال: عندكم في كلّ مسألة أقاويل مختلفة. أفليس لكم هنا اختلاف؟! فقالوا: لا.
و قال أحد وزرائه: إنّ عالماً بالحلّة و هو يقول ببطلان هذا الطلاق.
فبعث كتابه إلی العلاّمة و أحضره.
⛔️ و لمّا بعث إلیه، قال علماء العامّة: إنّ له مذهباً باطلاً و لا عقل للروافض. و لا يليق بالملك أن يبعث إلی طلب رجل خفيف العقل.
قال الملك: حتّی يحضر.
فلمّا حضر العلاّمة، بعث الملك إلی جميع علماء المذاهب الاربعة و جمعهم.
فلمّا دخل العلاّمة، أخذ نعليه بيده، ودخل المجلس، وقال: السلام عليكم. وجلس عند الملك.
فقالوا للملك: ألم نقل لك إنـّهم ضعفاء العقول؟!
فقال الملك: اسألوه عن كلّ ما فعل!
فقالوا له: لم ما سجدت للملك، و تركتَ الآداب؟
فقال: إنّ رسول الله(ص) كان ملكاً، و كان يُسلّم عليه فقط. وقال الله تعإلی: "فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَی أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِنْدِ اللَهِ مُبَـ'رَكَةً" (الآية 61، من سورة النور)، ولاخلاف بيننا و بينكم أنـّه لايجوز السجود لغير الله!
قالوا له: لِمَ جلستَ عند الملك؟!
قال: لم يكن مكان غيره. و كلّ ما يقوله العلاّمة بالعربيّ كان يترجم المترجم للملك.
قالوا له: لايّ شيء أخذت نعلك معك؛ و هذا ممّا لايليق بعاقل، بل بإنسان؟!
قال: خفتُ أن يسرقه الحنفيّة كما سرق أبو حنيفة نعل رسول الله(ص).
فصاحت الحنفيّة: حاشا و كلاّ، متي كان أبو حنيفة في زمن رسول الله(ص)؟ بل كان تولّده بعد المائة من وفاة رسول الله.
فقال: نسيت، لعلّه كان السارق الشافعيّ.
فصاحت الشافعيّة، و قالوا: كان تولّد الشافعيّ في يوم وفاة أبي حنيفة، و كان أربع سنين في بطن أُمّه و لم يخرج رعاية لحرمة أبي حنيفة! فلمّا مات، خرج. و كان نشؤه في المائتين من وفاة رسول الله.
فقال العلاّمة: لعلّه كان مالكاً.
فقالت المالكيّة بمثل ما قالته الحنفيّة.
فتوجّه العلاّمة إلی الملك، فقال: أيّها الملك، علمتَ أنّ رؤساء المذاهب الاربعة لم يكن أحدهم في زمان رسول الله(ص) و لا في زمان الصحابة. فهذا أحد بدعهم، أنـّهم اختاروا من مجتهديهم هؤلاء الاربعة. و لو كان منهم من كان أفضل منهم بمرّات، لا يجوّزون أن يجتهد بخلاف ما أفتاه واحد منهم.
فقال الملك: ما كان واحد منهم في زمان رسول الله(ص) والصحابة؟
فقال الجميع: لا.
فقال العلاّمة: و نحن معاشر الشيعة تابعون لاميرالمؤمنين(ع) نفس رسول الله(ص) و أخيه و ابن عمّه، و وصيّه.
و علي أيّ حال، فالطلاق الذي أوقعه الملك باطل، لانـّه لم يتحقّق شروطه، و منها: العدلان. فهل قال الملك بمحضرهما؟! قال: لا.
و شرع في البحث مع علماء العامّة حتّي ألزمهم جميعاً.
فتشيّع الملك، و بعث إلی البلاد و الاقالیم حتّی يخطبوا للائمّة الاثني عشر في الخطبة، و يكتبوا أساميهم في المساجد و المعابد.